فيما يلي ترجمة عربية دقيقة واحترافية للمقال، مع الحفاظ على المعنى الاستراتيجي والمصطلحات التقنية بما يلائم أسلوب التقارير التنفيذية:
منظور تنفيذي
يدخل سوق مراكز البيانات في المملكة العربية السعودية مرحلة تسارع حاسمة، ليصبح بسرعة أحد الأعمدة التأسيسية للاقتصاد الرقمي في المملكة. وبفضل رؤية 2030، وطموحات الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق، واستثمارات مزوّدي الخدمات السحابية العملاقة (Hyperscalers)، وتوفر موارد الطاقة، يتطور القطاع من كونه طبقة بنية تحتية داعمة إلى أصل وطني استراتيجي.
خلال الفترة بين 2024 و2030، من المتوقع أن ينمو حمل تكنولوجيا المعلومات (IT Load) في مراكز البيانات بالمملكة بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 29%، ما يضع السعودية ضمن أسرع أسواق مراكز البيانات نموًا على مستوى العالم. ومع التزام قادة الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي عالميًا باستثمارات رأسمالية بمليارات الدولارات، واستمرار الإصلاحات التنظيمية التي تفتح المجال أمام الاستثمار الأجنبي، بدأت مراكز البيانات تبرز بوصفها ممكّنًا رئيسيًا لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الهيدروكربونات.
وبالنسبة للمستثمرين والمشغلين وصنّاع السياسات، فإن الفرصة كبيرة — وكذلك التحديات المرتبطة بالتنفيذ والاستدامة والحوكمة.
رؤية 2030: بناء اقتصاد رقمي أولًا
توسع مراكز البيانات في السعودية ليس مدفوعًا بالسوق فقط؛ بل هو مدعوم بالسياسات وممكّن بشكل مقصود. إذ تضع رؤية 2030 البنية التحتية الرقمية في قلب التنويع الاقتصادي، مع تركيز واضح على الاتصالات وتقنية المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والمدن الذكية، والرعاية الصحية، والخدمات اللوجستية، والتصنيع المتقدم.
ومن المتوقع أن يظل معدل الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي مرتفعًا هيكليًا خلال السنوات 5–10 المقبلة، بفعل استمرار ضخ رأس المال من القطاعين العام والخاص. وتقع مراكز البيانات عند تقاطع هذه الأجندة، حيث تدعم أولويات وطنية رئيسية تشمل:
-
السحابة السيادية وتوطين البيانات
-
تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك نماذج اللغة العربية الكبيرة
-
منصات المدن الذكية والحكومة الرقمية
-
رفع إنتاجية القطاع الخاص وتمكينه رقميًا
وقد عززت مؤسسات مثل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، والمبادرات التابعة لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP)، الطلب على بنية رقمية قابلة للتوسع وآمنة وذات أداء عالٍ.
حجم السوق والتركيز الجغرافي
اعتبارًا من الربع الأول 2025، قُدرت قدرة طاقة تكنولوجيا المعلومات المركبة في سوق مراكز البيانات السعودية بنحو 222 ميغاواط، مع خطط لإضافة ما يقارب 760 ميغاواط إضافية بحلول عام 2030. ويتركز النمو بشكل كبير في ثلاث مناطق حضرية رئيسية:
-
الرياض: المركز السياسي والاقتصادي والتنظيمي، وتستقطب الطلب الحكومي وطلب الشركات والمؤسسات إضافة إلى منشآت الهايبرسكايل
-
الدمام / المنطقة الشرقية: تستفيد من قربها من أصول الطاقة وتتجه لتكون عنقودًا صناعيًا رقميًا
-
جدة: تستثمر في البنية التحتية للموانئ والاتصال الدولي لتقديم خدمات السحابة وتوزيع المحتوى
ويؤدي كل مركز حضري دورًا مختلفًا داخل منظومة مراكز البيانات الوطنية، بما يضمن التكرار التشغيلي، وتحسين زمن الاستجابة (Latency)، وإتاحة التوسع المتدرج على نطاق واسع.
المشهد التنافسي: من الاستضافة المشتركة إلى الهايبرسكايل والذكاء الاصطناعي
تشتد المنافسة داخل سوق مراكز البيانات في السعودية، مع وجود مزيج من المشغلين التقليديين المدعومين من شركات الاتصالات، ومجموعات العقار، ومنصات مرتبطة بالسيادة، وجهات جديدة تركز على منشآت الهايبرسكايل.
يوفر المشغلون الحاليون سعات استضافة بالتجزئة والجملة، بينما تستهدف المنصات الجديدة مراكز بيانات ضخمة مهيأة للذكاء الاصطناعي وبكثافة عالية. وتبرز هنا أهمية Humain، وهي جهة مدعومة من صندوق الاستثمارات العامة، تعمل على تنسيق طموحات المملكة في البنية التحتية الوطنية للذكاء الاصطناعي.
ومن المتوقع أن توفر منشآت Humain المخطط لها قرب الرياض والدمام ما يصل إلى 6.6 غيغاواط من القدرة بحلول عام 2034 — وهو حجم من شأنه إعادة تشكيل مشهد مراكز البيانات على مستوى المنطقة بالكامل. كما أن الطموح لمعالجة ما يقارب 6% من أحمال الذكاء الاصطناعي العالمية يضع السعودية في موقع محتمل كمركز عالمي للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، لا مجرد لاعب إقليمي.
الهايبرسكايل والذكاء الاصطناعي: تسارع تدفقات رأس المال
تشهد السعودية التزامات طويلة الأجل من مزودي الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي العالميين، منها:
-
دخول عدة مناطق سحابية عملاقة (Hyperscale Regions) الخدمة بحلول عام 2026 لخدمة أحمال الشركات والحكومة محليًا
-
شراكات بين شركات تقنية عالمية وجهات سعودية لنشر سعات مهيأة للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك بنى كثيفة بوحدات معالجة الرسومات (GPU Dense)
-
التزام NVIDIA بتوفير 18,000 شريحة ذكاء اصطناعي من الجيل القادم ضمن قدرة معلنة تبلغ 500 ميغاواط، كجزء من إطار استثماري أوسع بمليارات الدولارات
وتعكس هذه الالتزامات الثقة ليس فقط في نمو الطلب، بل أيضًا في المسار التنظيمي للمملكة، وتوفر الطاقة، وقدرتها على التنفيذ على نطاق واسع.
ميزة الطاقة: عامل تفاضلي هيكلي
تُعد وفرة الطاقة أحد أكثر القيود حدة عالميًا في تطوير مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. وعلى النقيض، تدخل السعودية هذه الدورة بميزة هيكلية واضحة.
تشغّل المملكة شبكة كهرباء وطنية بقدرة توليد سنوية تتجاوز 400 تيراواط ساعة، وهو مستوى أعلى من الطلب الحالي. ورغم أن نحو 60% من التوليد يأتي حاليًا من الغاز والنفط، فإن الطاقة المتجددة تتوسع بسرعة، مع استهداف رؤية 2030 وصول الكهرباء المتجددة إلى 50% بحلول 2030.
وعلى عكس الأسواق الناضجة التي تعاني من تأخر التصاريح وازدحام الشبكات، تستطيع السعودية:
-
تطوير قدرات توليد جديدة قرب تجمعات مراكز البيانات
-
الحفاظ على أسعار كهرباء تنافسية من خلال التعرفة المنظمة
-
ضمان موثوقية الإمداد عبر محطات الغاز الأساسية مع التوسع التدريجي في المتجددة
ويقلل هذا المزيج بشكل ملموس من مخاطر زمن الوصول إلى السوق بالنسبة لمشغلي الهايبرسكايل والذكاء الاصطناعي.
الاستدامة والمياه: القيد الصاعد
بينما تمثل وفرة الطاقة نقطة قوة، فإن توفر المياه بدأ يتحول إلى قيد أساسي. فقد أفادت التقارير أن مراكز البيانات في السعودية استهلكت نحو 15 مليار لتر من المياه في عام 2024، بشكل رئيسي لأغراض التبريد. ومع توسع القدرات، سيزداد هذا الطلب في بيئة شحيحة المياه أصلًا.
وسيعتمد التنافس المستقبلي على:
-
تبني تقنيات تبريد جافة وموفرة للمياه
-
دمج مصادر مياه غير صالحة للشرب أو معاد تدويرها
-
مواءمة الطلب المتزايد مع توسع تحلية المياه وخطط البنية التحتية
لم تعد الاستدامة مجرد عامل سمعة؛ بل أصبحت شرطًا حاسمًا للموافقة التنظيمية والاستمرارية طويلة الأجل.
الاعتبارات التنظيمية والاستثمارية
اتخذت السعودية خطوات واضحة لجذب الاستثمار الأجنبي، منها:
-
إتاحة ملكية أجنبية بنسبة 100% في قطاعات ومناطق محددة
-
إنشاء مناطق اقتصادية خاصة تقدم حوافز ضريبية وجمركية
-
برامج إقامة طويلة الأجل للكفاءات المهنية
وقد ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة من نحو 5.3 مليار دولار في 2020 إلى أكثر من 31 مليار دولار بحلول 2024، مع توقع بقاء التدفقات السنوية فوق 20 مليار دولار على المدى المتوسط.
لكن المشاريع الكبرى والاستراتيجية لمراكز البيانات غالبًا ما تتطلب موافقات من صندوق الاستثمارات العامة، ما يضيف طبقة حوكمة إضافية توازن بين الأولويات الوطنية والانضباط المالي.
النظرة الاستراتيجية
ينتقل سوق مراكز البيانات في السعودية من مرحلة بناء السعات إلى مرحلة التنسيق الاستراتيجي. وستتحدد المرحلة القادمة عبر:
-
القدرة التنفيذية على مستوى الهايبرسكايل وكثافة الذكاء الاصطناعي
-
وضوح الأطر التنظيمية المتعلقة بسيادة البيانات وحوكمة الذكاء الاصطناعي
-
إدارة الموارد المستدامة، خصوصًا المياه
-
التوازن بين الطموح الحكومي والانضباط الرأسمالي للقطاع الخاص
وإذا ما أُدير هذا التحول بفعالية، ستعمل مراكز البيانات كـ مضاعف قوة للاقتصاد الرقمي السعودي، من خلال دعم تبني السحابة، وتعزيز قيادة الذكاء الاصطناعي، ورفع إنتاجية الشركات، وزيادة القدرة التنافسية عالميًا.
إذا رغبت، يمكنني أيضًا
-
إعداد نسخة محررة للنشر الإعلامي (أقصر وأكثر سلاسة)
-
أو تحويل النص إلى ملخص تنفيذي من صفحة واحدة
-
أو تنسيق الترجمة لتناسب تقرير استثماري أو عرض تقديمي
