الزراعة العمودية في الإمارات: مستقبل الأمن الغذائي والزراعة الحضرية

أغسطس 05, 2025 | الأعمال الزراعية

تمثل استراتيجية الأعمال في الزراعة العمودية نقلة نوعية في قطاع الأعمال الزراعية في دولة الإمارات. تواجه الزراعة التقليدية تحديات كبيرة، منها محدودية الأراضي الصالحة للزراعة (حوالي 160,000 هكتار فقط)، والمناخ الصحراوي القاسي، واعتماد يتجاوز 85٪ على واردات الغذاء. استجابةً لذلك، بلغ حجم سوق الزراعة العمودية في الإمارات حوالي 92.4 مليون دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 358.9 مليون دولار بحلول عام 2031، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 20.9٪. هذه الديناميكيات تضع الزراعة في البيئات المُتحكم بها في صميم التحول الزراعي في الدولة.

الزراعة المستدامة: مفتاح الزراعة المستقبلية

ترتكز استراتيجية الزراعة العمودية على مفهوم الزراعة المستدامة. ونظرًا لأن ندرة المياه تمثل تحديًا مزمنًا في الإمارات، فإن هذا النهج يقدم إنتاجية عالية باستخدام موارد محدودة. تقلل أنظمة الزراعة الداخلية المُتحكم بها بشكل كبير من الاعتماد على المياه الجوفية والحقول المفتوحة، بما يتماشى مع أهداف "استراتيجية الأمن الغذائي 2051" التي تهدف إلى إنتاج 30٪ من الغذاء الطازج محليًا بحلول عام 2030.

فوائد الزراعة المستدامة

تستخدم الزراعة العمودية ما يصل إلى 90٪ أقل من المياه مقارنة بالطرق التقليدية، وهو أمر بالغ الأهمية في المناطق الجافة. كما أن المحاصيل النظيفة والخالية من المبيدات تجذب المستهلكين المهتمين بالصحة، فيما يؤدي التمركز الحضري للمزارع إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن النقل وتقليل الهدر. وتصل إنتاجية المتر المربع الواحد إلى نحو 350 كغم سنويًا من الخضروات الورقية والميكروغرين، ما يحقق كفاءة في الحجم والجودة.

الزراعة الحضرية كحل لمشكلة الأمن الغذائي

التحضر في دولة الإمارات

يشهد التوسع الحضري السريع في دبي وأبوظبي والشارقة تزايدًا في الطلب على المنتجات الطازجة المحلية. ومع تجاوز الواردات لنسبة 85٪ من الاحتياجات المحلية، أصبح الأمن الغذائي يعتمد بشكل متزايد على الابتكار في الزراعة الحضرية. وتعكس تفضيلات المستهلكين الطلب المتزايد على الخضروات الطازجة للغاية، ما يدفعهم إلى دفع أسعار أعلى مقابل الجودة والسلامة.

دور الزراعة العمودية في إمداد المدن بالغذاء

بدأت مزارع الزراعة العمودية تندمج في مشاريع التطوير العقاري والمدن الذكية مثل "مدينة مصدر" و"واحة دبي للسيليكون"، حيث توفر الخضروات الطازجة والطماطم والأعشاب بالقرب من المستهلكين النهائيين. منذ عام 2021، تجاوزت الاستثمارات في هذا القطاع 15.3 مليار درهم إماراتي، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بدمج الزراعة في التخطيط الحضري، مع تحقيق كثافة إنتاجية تصل إلى 350 كغم/م²/سنة.

استكشاف أنظمة الزراعة المائية (الهيدروبونيك) في الإمارات

أنواع أنظمة الزراعة المائية

تهيمن أنظمة الزراعة المائية على نماذج الزراعة العمودية في الإمارات، مع قيام العديد من المزارع أيضًا بتجربة أنظمة الإيروبونيك (الزراعة بالهواء) والأكوابونيك (الزراعة المائية مع الأسماك) ضمن بيئات زراعية خاضعة لتحكم كامل بدرجات الحرارة والرطوبة والإضاءة والتغذية النباتية المثلى.

قصص نجاح الزراعة المائية في الإمارات

تعتمد "بيور هارفست سمارت فارمز" قرب أبوظبي نموذجًا هجينًا يجمع بين البيوت الزجاجية والزراعة العمودية المائية، وتمتد حاليًا على مساحة تتجاوز 16 هكتارًا، وتنتج الخضروات الورقية والفراولة وأنواع متعددة من الطماطم بأسعار أقل بنحو 60٪ من المنتجات المستوردة.

كما توجد مبادرة تعاونية بين شركات كبرى لإنتاج أكثر من مليون كغم من الخضروات الورقية سنويًا لصالح شركات الطيران وتوزيع التجزئة. ويجري بناء مشروع تجريبي في "وادي الأغذية" بطاقة إنتاجية تفوق 3 ملايين كغم سنويًا باستخدام أنظمة دائرية لتحويل النفايات إلى قيمة.

الزراعة في بيئات خاضعة للتحكم: تعزيز المحاصيل

التعريف والأهمية

تشير الزراعة في بيئات خاضعة للتحكم إلى الزراعة الداخلية في أماكن يتم فيها تنظيم درجة الحرارة والإضاءة والتغذية والتهوية بدقة، ما يضمن إنتاجًا ثابتًا على مدار العام، غير متأثر بالظروف الصحراوية الخارجية.

التكنولوجيا والابتكارات في البيئات المُتحكم بها

تجعل أجهزة الاستشعار الذكية والأنظمة المؤتمتة وإدارة التغذية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي والإضاءة بتقنية LED، مزارع الزراعة العمودية الحديثة أكثر كفاءة ومتانة. ويتوقع أن يصل سوق إضاءة LED للزراعة العمودية عالميًا إلى 2.3 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027، داعمًا للزراعة الدقيقة.

النهج الذكي في الزراعة

دمج التكنولوجيا في الزراعة العمودية

تقود تقنيات الزراعة الذكية، مثل أنظمة إنترنت الأشياء (IoT) والرصد، والتنبؤات المعتمدة على التعلم الآلي، ودمج الطاقة المتجددة (مثل الألواح الشمسية)، والري الدقيق، إلى عمليات فعالة من حيث الموارد وزيادة الإنتاجية، لا سيما في المشاريع في دبي وأبوظبي.

اتخاذ قرارات مدفوعة بالبيانات لإدارة المحاصيل

تمكن البيانات البيئية الفورية من ضبط دورات المحاصيل، واكتشاف الآفات مبكرًا، والتنبؤ بالإنتاجية. وتظهر المزارع التي تعتمد هذه التقنيات تحسنًا في استخدام الموارد وزيادة إمكانية التوسع التجاري.

التحديات والفرص أمام الزراعة العمودية في الإمارات

الحواجز السوقية والتنظيمية

تبقى التكاليف الرأسمالية الأولية مرتفعة، حيث تتراوح تكلفة إنشاء مزرعة عمودية تجارية بين 2 مليون و10 ملايين دولار أمريكي، حسب الحجم والتكنولوجيا المستخدمة. كما يتطلب استهلاك الطاقة العالية للإضاءة بالـLED استراتيجيات للتحكم في التكاليف، رغم أن أسعار الطاقة الإقليمية توفر بعض التسهيلات مقارنة بالمتوسطات العالمية. ويعد نقص العمالة الماهرة وغموض اللوائح تحديات إضافية، خاصة خارج مراكز النمو الكبرى.

آفاق النمو والتوسع

رغم أن حجم السوق الإماراتي البالغ 92.4 مليون دولار في 2024 لا يزال صغيرًا، إلا أن التوسع المتوقع إلى 358.9 مليون دولار بحلول 2031 يظهر زخمًا قويًا. ويعتمد النمو المستقبلي على نماذج لا مركزية، ودمج الطاقة المتجددة، والأنظمة الذكية، وتطوير القوى العاملة.

خاتمة: مستقبل الأعمال الزراعية في الإمارات

تقدم الزراعة العمودية استراتيجية عملية ومستدامة لمستقبل قطاع الأعمال الزراعية في الإمارات. فهي تقلل استخدام الأراضي، وتخفض استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 90٪، وتستغني عن المبيدات، وتوفر محاصيل متوقعة على مدار العام. وتشكل الحوافز الحكومية، والابتكارات في الزراعة المُتحكم بها، والشراكات مع القطاع الخاص، أساسًا قويًا. وتؤكد التوقعات المتزايدة من 92.4 إلى 358.9 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2031 إمكانيات التوسع.

تلخيص الأثر

تعالج الزراعة العمودية فجوات حرجة: محدودية الأراضي الصالحة، ندرة المياه، الاعتماد على الواردات، وصعوبة الوصول للغذاء في المدن. وتُدخل تقنيات مثل الهيدروبونيك، والإيروبونيك، والزراعة الذكية مفهوم الزراعة المستدامة إلى البيئات الحضرية المكتظة. كما أن الإنتاج المحلي يقلل هشاشة سلاسل التوريد ويدعم أهداف الأمن الغذائي وحماية البيئة.

دعوة للعمل لأصحاب المصلحة

ينبغي على المستثمرين في الزراعة، وواضعي السياسات، ومطوري المدن، ومبتكري التكنولوجيا الزراعية أن:

  • يدمجوا المزارع العمودية في مشاريع المدن الذكية والبنية التحتية المستدامة.
  • يستخدموا الأطر العامة-الخاصة والحوافز المرتبطة بأجندات الأمن الغذائي الوطنية.
  • يعززوا دمج الطاقة المتجددة، ورصد المحاصيل باستخدام إنترنت الأشياء، والتنبؤ بالذكاء الاصطناعي، وتدريب القوى العاملة.
  • يحولوا المشاريع التجريبية إلى أنظمة مترابطة تدعم أهداف الاكتفاء الذاتي الوطني.

تمثل الزراعة العمودية مستقبل الأعمال الزراعية في الإمارات: فعالة في استخدام الموارد، مدفوعة بالتكنولوجيا، ومتمركزة حضريًا. يضمن تبنيها الاستراتيجي أنظمة غذائية مرنة، ونموًا اقتصاديًا، وحماية للبيئة على مستوى المنطقة.

جاهز للتحدث؟

جاهز للتحدث؟


اتصل بنا